استضافت كلية الطب في جامعة النهرين، بالتعاون مع شعبة العلاقات الثقافية ووحدة العلوم الساندة، يوم الخميس الموافق 2024/10/10 ، محاضرة إالكترونية بعنوان : "المفاهيم الأخلاقية والدينية للعلاقة بين المريض والطبيب". قدم المحاضرة الدكتور عاصم باديلا ، بروفيسور طوارئ معتمد في طب الطوارئ، والأخلاقيات الحيوية، والعلوم الإنسانية الطبية في كلية الطب بجامعة ويسكونسن. وقامت بادارة الجلسة الدكتورة بشرى جوحي جاني من وحدة العلوم الساندة/اللغة الانكليزية.
تطرق الدكتور عاصم باديلا في محاضرته الإلكترونية إلى كيفية تأثير التقاليد الإسلامية على التفاعل بين المرضى المسلمين ونظام الرعاية الصحية، وكذلك كيفية تأثيرها على ممارسات الأطباء المسلمين. تناولت المحاضرة دور القيم الإسلامية في تشكيل العلاقة بين المريض والطبيب، وأهمية التواصل والثقة المتبادلة بين الطرفين لتحسين النتائج الصحية. وتناول الدكتور عاصم باديلا أربعة نماذج رئيسية للعلاقة بين المريض والطبيب، مستعرضًا مزاياها وتحدياتها: 1. النموذج الأبوي (Paternalistic Model) : يقوم على فكرة أن الطبيب يمتلك الخبرة والمعرفة التي تجعله أكثر قدرة على اتخاذ القرار، بينما يتوقع من المريض الامتثال لتوصيات الطبيب. يستخدم هذا النموذج في الحالات الطارئة أو عندما يكون هناك فجوة معرفية كبيرة بين الطبيب والمريض، ولكنه قد يقلل من احترام استقلالية المريض. 2. النموذج الإعلامي (Informative Model): يركز على تقديم المعلومات من الطبيب للمريض دون توجيه أو إصدار أحكام. يُعتبر هذا النموذج مفيدًا لتعزيز خيارات المريض المستقلة، ولكنه قد يسبب ارتباكًا لدى المريض بسبب كمية المعلومات الكبيرة، مما يؤدي إلى صعوبة اتخاذ القرارات. 3. النموذج التفسيري (Interpretive Model): يسعى إلى فهم قيم المريض وتفسيرها لتتوافق مع الأهداف العلاجية. يساعد هذا النموذج على تحقيق التفاهم المتبادل بين الطبيب والمريض ويعزز اتخاذ القرارات المشتركة، ولكنه قد يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين. 4. النموذج التشاوري (Deliberative Model): يقوم على اتخاذ القرارات المشتركة بين الطبيب والمريض من خلال الحوار والنقاش المستمر حول القيم والأهداف. يتميز هذا النموذج بالتوازن في العلاقة بين الطرفين، ولكنه قد يتعرض لخطر تأثير الطبيب على قرارات المريض بسبب المعرفة والخبرة التي يمتلكها الطبيب. أكد الدكتور باديلا على أهمية فهم هذه النماذج واختيار النموذج المناسب لتعزيز العلاقة بين المريض والطبيب، مما يؤدي إلى تحسين النتائج الصحية ورضا الطرفين. ويفضل الدكتور باديلا شخصيًا النموذج التشاوري، لأنه يركز على اتخاذ القرارات المشتركة والحوار المفتوح بين الطبيب والمريض. كما أشار إلى أن النموذج التفسيري مفضل من قبل مؤلفي ورقة بحثية كلاسيكية في هذا الموضوع، لأنه يعزز إطارًا للتفاوض يتماشى مع القيم المختلفة للطبيب والمريض. وأكد المتحدث على أهمية التكامل بين الشريعة والأدب والهدف النهائي في ممارسات الطب. أوضح أن الشريعة والفقه يحددان الأفعال المشروعة، بينما يوفر الأدب توجيهات حول كيفية التصرف بأخلاق. كما أكد على أهمية توجيه التدخلات الطبية نحو الإرادة الإلهية لمعالجة الأبعاد الروحية للمرضى. وشدد على ضرورة أن يتحلى الأطباء بالرحمة والتواضع والثقة في الله خلال تعاملهم مع المرضى، مع مراعاة احترام أجسادهم وصحتهم كأمانة. وأشار المتحدث إلى دور التواضع في بناء الثقة مع المرضى، مؤكداً على أهمية تكوين شخصية طبية تجمع بين المعرفة التقنية والقيم الأخلاقية. وأوضح أن التعليم الطبي في كلية الطب بولاية ويسكونسن يتجه نحو تعزيز هذه القيم بجانب التدريب العلمي، بهدف إعداد أطباء يتمتعون بحكمة عملية وقادرين على تقديم رعاية إنسانية للمرضى، مما يسهم في ازدهار المجتمع وتحسين جودة الرعاية الصحية. في الجزء الأخير، تطرق إلى كيفية دمج المفاهيم الإسلامية مع الممارسات الطبية لتحسين تجربة الرعاية الصحية، مشيرًا إلى أهمية الجمع بين الحكمة والقيم الإنسانية في العمل الطبي. شهدت المحاضرة تفاعلا كبيرا من الحضور، حيث طرحوا العديد من الأسئلة وقدموا تعليقات متنوعة حول الموضوع المطروح. واتسمت الجلسة بأجواء حيوية ونقاشات مثمرة، مما ساهم في خلق حوار تفاعلي بين المحاضر والجمهور، وعكس اهتمام الحاضرين واستفادتهم من المحتوى المقدم.
|